اشتهرت في قرية بني سويف ، امرأة طاعنة في السن، لكنها مهووسة بالشهرة واكتساب مجد مستحيل. كانت تريد إثبات ذاتها بشتى الوسائل، لأنها ببساطة ظلت عانسا لم تتزوج قط، ولم تترك ذرية تردد اسمها من بعدها. استهوتها فكرة أن تكون أديبة أو قاصة ،مستلهمة قصة الأديبة المصرية بنت الشاطئ، لذلك أطلقت على نفسها لقبا مضحكا، هو بنت الغابة .
قالت في نفسها مادامت بنت الشاطئ اشتهرت بهذا اللقب الجميل حتى ظل اسمها يخلد على مر الزمان، لم لا أربط نفسي بلقب سأعرف به أنا أيضا، وسيكون من السهل أن تلوكه الألسن ،ويردده التلاميذ في مدارسهم ،والطلبة في جامعاتهم..أنا بنت الغابة نعم انا بنت الغابة ظلت عينا هذه المرأة المسكينة مفتوحة إلى الصباح الذي اعلنت فيه انها الكاتبة القاصة الأديبة بل والدكتورة أيضا بنت الغابةما دامت الدكتوراه ورقة في متناول الجميع هذه الأيام في وطننا العربي.. قالت في نفسها الكل سيصدق، نحن في زمن الأنترنيت والعالم اصبح قرية صغيرة ،وستكون الشهرة سهلة المنال ،ليس في مصر، بل في العالم أجمع ؛ لكن الشيئ الذي لم يكن في حسبانها، أن الشهرة سلاح ذو حدين، إما شهرة تدخلك المجد التليد ،وإما شهرة تزج بك في عالم السخرية اللامتناهية ،ومن طرف القاصي والداني.
في صباح جميل بينما هي تتجول بين الحقول بنواحي القرية المذكورة، التقت صدفة بشاب اسمه أحمد؛ أرادت أن تتأكد من أنها أصبحت دكتورة أديبة وقاصة شهيرة ،سألته بلهفة هل تعرف الدكتورة بنت الغابة ، نظر اليها فاغرا فاه بتعجب: نعم هل هي انت؟ ! قالت والفرح يغمرها: نعم انا.. انا هي بنت الغابة، ثم فجأة انفجر أحمد ضاحكا بقهقهات عالية، وولى ظهره لها منصرفا؛ امسكت الدكتورة بتلابيبه صارخة في وجهه: لماذا تضحك؟ هل أنا محل استهزاء؟ ..أنا الدكتورة الأديبة القاصة الكاتبة الشهيرة؛ التفت أحمد إلى رهط قريب من الفلاحين الشبان ،مستواهم التعليمي جيد لكنهم فضلوا الإشتغال بالزراعة على البطالة ، مناديا لهم بصوت عالي : يا ناس هذه هي بنت الغابة، نعم بنت الغابة.. ثم انفجروا هم أيضا ضاحكين فرد عليها: انت ظاهرة في الأنترنيت وفي القرية، أنت ظاهرة عجيبة ؛ كيف يسمحون بنشر قصصك التي هي لتلميذ في السنة الأولى إعدادي.
اصفر وجه الدكتورة من الدهشة الممزوجة بالخجل ، تم اعقبتها بسرور مصطنع، فردت :شكرا لك ، لأنك نبهتني قبل فوات الأوان، وقبل أن تقع الفأس في الرأس.
وهكذا في اليوم التالي أزالت موقعها من الانترنيت وسحبت كتبها المعروضة في المكتبات، وأزالت لقب الدكتورة الأديبة القاصة، تجنبا للفضيحة في البلد وخارجه.